في هذه الدراسة الجديدة البارزة للفكر الغربي، يتناول أنتوني جوتليب
الفلسفة من خلال مصادرها الأساسية، ويُخضِع قدرًا كبيرًا من المعرفة
التقليدية للبحث، ويفسر ما توصَّل إليه من نتائج ببراعة ووضوح لا يعرفان
القيود؛ بدءًا من الفلاسفة السابقين لسقراط، وأفلاطون، وأرسطو، ووصولًا إلى
أصحاب الرؤى من عصر النهضة أمثال إراسموس. تظهر «الفلسفة» هنا كظاهرة لا
يمكن أن يحدها فرع واحد من فروع المعرفة، بل في الواقع — كما يوضح جوتليب —
فإن أكثر إنجازات الفلسفة ثوريةً في مجال العلوم الطبيعية والاجتماعية
سريعًا ما جرى تبنِّيها من جانب فروع معرفية أخرى.
كان آخر ما توقعت ان أكتشفه حين شرعت في تأليف هذا الكتاب منذ أكثر من
عشرة أعوام أنه ليس هناك ما يسمى فلسفة ، و لكن هذا ما اكتشفته بالفعل و
فسر لي الكثير من الأمور بعد ذلك . و انطلقت عازما على اغفال كل ما ظننت
اني اعرفه ، وبدأت في دراسة كتابات أولئك الذين عاشوا على مدار الألفين و
الستمائة عام الماضية ؛ أولئك الذين يعدهم العالم فلاسفة الغرب العظام . و
كان هدفي ( الذي تأدب أصدقائي في وصفه بـ (( الطموح )) و غالبا ما كانوا
يقصدون (( المجنون )) ) أن اتناول قصة الفلسفة كما ينبغي لصحفي ان يعالها ؛
بحيث أعتمد على المصادر الأولية فقط أينما وجدت ، و أن أتشكك في كل شيء
بات يعتبر حكمة سائرة مألوفة ، و فوق كل ذلك أن أحاول تفسير كل ذلك قدر ما
أستطيع من الوضوح . و بينما كنت أعرض للشخصيات المختلفة من القرنين الخامس
و السادس قبل الميلاد الذي جرت العادة على وضعهم في سلة واحدة بوصفهم
فلاسفة – بداية بسقراط و أفلاطون و أرسطو ( الذين يشار اليهم غالبا
بالثالوث ، و لكن هل هناك من هم أكثر اختلافا فيما بينهم من هؤلاء الثلاثة ؟
) و مرورا بأهل الفكر في العصور الهيلينية ، و المتصوفين و السحرة و
المنجمين من أهل العصور القديمة
الى الأوائل من المفكرين المسيحيين و الرهبان المفتونين بالمنطق و العلماء
، و علماء اللاهوت الذين عاشوا في بداية العصور الوسطى ، و من عاش في عصر
النهضة من السحرة و أصحاب الرؤى و النحاتين و المهندسين ، وصولا الى بدايات
العصور الحديثة – تجلت أمام عيني بنية (( الفلسفة )) التي تعد افتراضا
أقدم موضوعات البحث على الاطلاق ، و توصلت الى أن علم التأريخ التقليدي
الذي يسعى الى تمييز الفلسفة عن العلوم الفيزيائية و الرياضية و الاجتماعية
و الدراسات الإنسانية قد بسطها تبسيطا مخلا ؛ اذ كان ضربا من المستحيل ان
تقصر ما يشار اليه عادة بـ (( الفلسفة )) على موضوع واحد يمكن وضعه في
سهولة على الخريطة الأكاديمية .
يرجع ذلك في أحد أسبابه الى أن أسماء الأماكن على تلك الخرائط تنزع الى التغير ؛ ففي العصور الوسطى – على سبيل المثال – كانت الفلسفة تغطي عمليا كل فروع المعرفة النظرية التي لا تندرج تحت علم اللاهوت . كان الموضوع البحثي لنيوتن هو (( الفلسفة الطبيعية )) ، و هو مصطلح شاع استخدامه في النصف الأول من الفرن التاسع عشر ليغطي معظم ما يندرج الان تحت بند العلم و جزءا مما يندرج تحت بند الفلسفة . و ما كان يسمى بالتفكير الفلسفي يميل بطبيعة الحال الى التشتت عير الحدود التقليدية ؛ ففضول هذا النوع من التفكير الذي لا يهدأ و نهمه الذي لا يشبع أديا الى خلق مناطق جديدة من الفكر تزيد مهمة رسم الخريطة تعقيدا .
بيانات الكتاب
الاسم : حلم العقل
المؤلف : أنتوني جوتليب
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 460
الحجم : 8 ميجا
تحميل كتاب حلم العقل
رابط تحميل مباشر - جوجل درايف
رابط تحميل فورشيرد
مقدمة

يرجع ذلك في أحد أسبابه الى أن أسماء الأماكن على تلك الخرائط تنزع الى التغير ؛ ففي العصور الوسطى – على سبيل المثال – كانت الفلسفة تغطي عمليا كل فروع المعرفة النظرية التي لا تندرج تحت علم اللاهوت . كان الموضوع البحثي لنيوتن هو (( الفلسفة الطبيعية )) ، و هو مصطلح شاع استخدامه في النصف الأول من الفرن التاسع عشر ليغطي معظم ما يندرج الان تحت بند العلم و جزءا مما يندرج تحت بند الفلسفة . و ما كان يسمى بالتفكير الفلسفي يميل بطبيعة الحال الى التشتت عير الحدود التقليدية ؛ ففضول هذا النوع من التفكير الذي لا يهدأ و نهمه الذي لا يشبع أديا الى خلق مناطق جديدة من الفكر تزيد مهمة رسم الخريطة تعقيدا .
بيانات الكتاب
الاسم : حلم العقل
المؤلف : أنتوني جوتليب
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 460
الحجم : 8 ميجا
تحميل كتاب حلم العقل
رابط تحميل مباشر - جوجل درايف
رابط تحميل فورشيرد
إرسال تعليق