U3F1ZWV6ZTQ4NjYzNjA2OTc3OTcwX0ZyZWUzMDcwMTIxMTI2NTc4OQ==

السعادة الزوجية وبوليكوشكا لـ ليو تولستوي:

مقدمة الكتاب :
981كنا في حداد على وفاة أمي, التي ماتت في الخريف, وكنا نقضي الشتاء وحيدات في الريف: أنا وكاتيا وصونيا.
أما كاتيا فهي صديقة المنزل من قديم الزمان, وهي المربية التي نشأتنا, فكنت أحبها كثيراً, وكنت أذكرها إلى أبعد عهد تبلغه ذكرياتي, وأما صونيا فهي أختي التي تصغرني. كان شتاء حزيناً في منزلنا القديم في بوكروفسكايا الجو بارد, والريح شديدة, والثلج أعلى من النوافذ, وزجاج النوافذ يغشاه الصقيع, فلا يشف عن شيء, ونحن لم نكد نخرج من المنزل طوال الشتاء, وكنا لا نزار إلا لماما. والذين يزوروننا لا يحملون إلى منزلنا شيئا من مرح أو فرح. فوجوههم حزينة جميعاً. وهم يتكلمون بصوت خافت, كأنما يخشون أن يوقظوا أحداً من نومه. لا يضحكون أبداً ويتنهدون ويبكون في كثير من الاحيان حين ينظرون إلينا, إلي وإلى أختي الصغيرة صونيا خاصة, ونحن بثياب الحداد السوداء. لكأن الموت لا يزال حاضراً, ولكأن حزنه وهوله لا يزالان يهومان في المنزل. كانت غرفة ماما مرتجة, فكنت إذا مررت ببابها المغلق حين أمضي إلى النوم, أشعر بثقل يجثم على صدري, وأحس بشيء يجذبني إلى تلك الغرفة الباردة المقفرة.
كنت حينئذ في السابعة عشرة من عمري. وكانت أمي في سنة موتها نفسها, قد قررت أن نقيم بالمدينة لتدخلني في المجتمع. ولقد أحدث وفاة أمي في نفسي لوعة شديدة, ولكن يجب أن أعترف أنني كنت أحس عدا تلك اللوعة بشيء آخر: لقد كنت شابة وجميلة, كما يقول جميع الناس, فكان يحزنني أن أراني مضطرة إلى المكث في عزلة الريف شتاءً آخر يضيع من عمري سدى. وقد أشتد هذا الاحساس بالقلق والعزلة والضجر في أواخر الشتاء حتى صرت لا أبارح غرفتي ولا أفتح البيانو ولا أقرأ البتة, فإذا حضتني كاتيا على أن أشغل نفسي بشيء بكيت أو أجبتها قائلة: "علام؟ علام تفعلين أي شيء إذا كانت أحسن سني حياتك تضيع؟ علام؟" ولم يكن عندي على هذا السؤال جواب إلا الدموع.
بيانات الكتاب :
أسم الكتاب : السعادة الزوجية وبوليكوشكا
أسم الكاتب : ليو تولستوي
الناشر : دار تنوير
عدد الصفحات :  256 صفحة
حجم الكتاب :  3 ميجا بايت
تحميل كتاب السعادة الزوجية وبوليكوشكا 
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة